09 مارس 2021

بحكم حبى للسينما، كنت قرأت قبل كده شوية مقالات بسيطة فى موضوع
The psychology of identifying/resonating with characters
أو: ايه العوامل الفردية اللى بتخلى مشاهد معيّن يتعلق بشخصية محددة شافها فى فيلم، دوناً عن باقى الشخصيات.

كلمة "يتعلق" مهياش الترجمة الدقيقة للعنوان اللى قلته فوق. مفيش تقريباً ترجمة عربية مباشرة للعنوان اللى انا كتبته فوق، لكن أقرب شرح لها قد يكون إن الشخص ""يشوف نفسه"" فى الشخصية اللى قدامه، حتى لو عمل ده بشكل لا واعى.

من ضمن العوامل اللى بتخلى شخص يشوف نفسه فى شخص تانى هو مقابلوش شخصياً (النقط اللى جايه دى ترجمة بتصرّف من إحدى المقالات الانجليزية):

  1. إن القيم والدوافع بتاعة الشخصية تكون مشابهة للقيم والدوافع بتاعتك.
  2. إن الشخصية والطباع بتاعة فلان ده تكون زى شخصيتك وطباعك.
  3. إنك تـemphasize أو تتعاطف مع الشخصية، وتحس إن فيه إرتباط بينكم. لأنك حاسس إن مشاعره وردود أفعاله شبه مشاعرك، وقد تكون ردود أفعاله شبيهة بردود أفعالك فى مواقف مماثلة (وده مثلاً السبب الرئيسى اللى بيخلى المشاهد يتعاطف مع الشخصية الـanti-hero والـunderdog المغلوب على أمره، زى شخصية رفعت إسماعيل كده لما كلنا اتعلقنا بيها لأنها مدهولة شبهنا).
  4. التجارب المماثلة: إنك تكون عشت أو بتعيش تجربة مماثلة، أو بتمر بتحديات أو آلام مماثلة لآلام الشخص ده.
  5. الهروب من الواقع وتخفيف الألم: وده سبب عكس كل اللى فات. لما تكون الشخصية بتديك الفرصة انك تنسى انك مين فى الحقيقة، وبتسمح لك إنك تمر بتجارب أفضل من اللى فى حياتك الحالية (وده اللى بينجّح أفلام السوبرهيروز مثلاً).
لما بيحصل أى حاجة من الحاجات اللى فاتت دى، بتتكون حاجة إسمها Parasocial Relationship بينك وبين الشخصية. اللى هى علاقة من طرف واحد يعنى مع الشخصية دى. ده بيخليك تستثمر من مشاعرك وذهنك ووقتك فى الشخصية، بينما الشخصية دى متعرفش إنك موجود فى الكون أصلاً، سواء كانت شخصية وهمية فى فيلم، أو حد مشهور، إلخ...

يعنى من الآخر: انت يا اما بتـresonate، وبتعمل العلاقة اللى من طرق واحد دى مع شخصية"شبهك"، يا اما مع شخصية نفسك تكون شبهها.

فى ضوء الكلام الكبير السابق، لما حد يقرا ويشوف اللى حصل النهاردة مع الطفلة والبيدوفايل، بيكون التوقع من الشخص الـ"سوى" إنه:

  1. يـresonate مع الطفلة مثلاً، على أساس إنها فى موقف ضعف ومغلوبة على أمرها، وياعينى مش عارفه تاخد رد فعل، وده شىء حصل لنا بشكل أو بآخر (اننا نكون فى موقف ضعف بشكل عام وليس التحرش بالذات) وكلنا اتحطينا فى مواقف ضعف قبل كده (راجع رقم 2 و3 و4). ساعتها أول حاجة عقلك هيروح لها وأول تعليق هيطلع منك هو: يا حبيبتى! يا ترى هى كويسة؟ يا ترى عندها تروما؟ يا ترى هى حالتها عاملة ازاى دلوقتى؟ يارب تكون بخير! مفيش حد يطمننا عليها؟
  2. يـresonate مع الست اللى طلعت تجرى تلحق البنت، عشان القيم والدوافع بتاعتها شبهك (راجع رقم 1)، أو إنك قد تكون مش شجاع زيها ولكن مثلاً تتمنى إنك تكون شبهها (راجع رقم 5). ساعتها هيكون أول حاجة عقلك هيروح لها (وأول تعليق هيطلع منك هو): أيوة كده هى عملت الصح. ياريتها كانت ضربته كمان. ست أحسن من ميت راجل. ربنا يحميها. ياريتنى انا والناس كلها نبقى زيها.
  3. لكن لما يكون أول رد فعل يطلع من حد يكون بيخص الراجل: زى "نفذ رصيده من الستر" و "زمان أهله متبهدلين دلوقتى"، ده معناه إنك بتـresonate مع الراجل ده وحاسس إنك ممكن تكون فى وضعه! ده معناه إنك يا إما شايف نفسك فيه ولو بشكل غير واعى (رقم 1،2،3،4)، أو إنك مش عاجبك وضعك ونفسك -برضه بشكل غير واعى- تبقى شبهه (رقم 5)!
آه كلنا عندنا خطايا متنوعة، وكلنا عندنا أفكار وأسرار بنخبيها ونتمنى إنها متخرجش للنور، وربنا ساترها علينا. بس لما العدد ده كله من الناس يـresonate مع الراجل، فده شىء مخيف جداً جداً جداً. هو الراجل كان مثلاً سرق نظره على بنت حلوة فى الشارع؟ ولا حتى دخل فى علاقة رضائية مع حد خارج إطار الزواج؟ ده مختل! ده كان داخل يتحرش بطفلة مش باينه من الأرض!! والله أعلم كان ممكن الموضوع يتطور لإغتصاب لولا الست طلعت تجرى عليهم!!!

لما أول رد فعل يطلع منك يكون خاص بالراجل، فده معناه إن عقلك الباطن شايف إن الرابطة الأقوى فى الـ3 شخصيات اللى فى الفيديو هى الرابطة اللى بينك وبين الراجل!

يا ترى عقلك الباطن محسسك إن كبتك الجنسى ممكن يخليك فى لحظة ضعف تغتصب طفلة مش باينه من الأرض فى يوم؟! ولا حضرتك فى العادى بتعتدى على الآخرين، وخايف فى مرة تتصور وتتجرّس زيه؟! فى الحالتين دول وجودك وسطنا شىء مخيف جداً، ويجب تجنبك وعزلك تماماً إلى أن يتم علاجك.

المجتمع ده كله كده بقى عنبر خطرين كبير. معرفش هو كان كده من زمان، ولا الحياة قد ساءت حقاً على رأى دكتور أحمد الله يرحمه، بس عامة معتقدش إن حتى لو جرايم مماثلة كانت بتحصل زمان إن كان فيه عدد ضخم كده من الناس هيـidentify/resonate مع المغتصب بالشكل ده.

(ملحوظة: تم بذل مجهود ضخم إنى أشيل الألفاظ الخارجة من البوست ده قبل نشره، حفاظاً على مشاعر رواد الحمّام العام اللى عايشين عليه اللى اسمه كوكب الأرض). 

01 نوفمبر 2020

الفيلم ده "مسروق" من...

انا عايز بس أتكلم عن جملة الفيلم الفلانى "مسروق" من كذا اللى فيه ناس كتير بترددها وبتشيرها كل شوية عالفاضية والمليانة.

فيه كتاب مشهور جداً فى كتابة السيناريو إسمه Save the Cat! للكاتب Blake Snyder. الفصل التانى فى الكتاب على طول كده الكاتب قرر يسميه عنوان هيختصر كل اللى انا هقوله:

Give me the same thing...only different!

الكاتب بيقول ما معناه إن -من الآخر- كل حاجة تتخيلها أو متتخيلهاش اتحكت بالفعل قبل كده، وإن كل حاجة إحنا هنكتبها هتكون مجرد تنويعة على تيمة من مجموعة تيمات هو لخصها فى الكتاب. مش بس كده، الكاتب كمان بيطلع لسانه للكل، وبيقول لو حد فيكم عمل فيها أبو العريف وشاف إنه عرف يخترع تيمه جديدة خارقة غير اللى انا كاتبهم دول، ياريت يبقى يلاغينى. هو قصده إنه يقول لك إن مش مطلوب منك ككاتب تخترع الذرة، لأن من الآخر مش هتعرف، مهما كنت فاكر نفسك مين! لكن كل اللى هتعمله إنك هتدينا نفس الفكرة، بس نوّع فيها وغيّرها، وإحكيها بطريقتك.

فعلاً كل قصة عبارة عن تنويعة على قصة أو مجموعة قصص قديمة، ومش قديمة بمعنى إن فيلم جديد مقتبس عن فيلم قديم شوية مثلاً، لأ، الموضوع أبعد من كده بكتير. انت لو تتبعت سلسلة الأفكار بضمير ممكن تفضل تمشى لغاية ما توصل مثلاً إلى إن أصل الفكرة أسطورة من الميثولوجيا الإغريقية أو الفرعونية من سنة معرفش كام قبل الميلاد.

بناء عليه، عايزين نبطل الجملة الساذجة بتاعة الفيلم "مسروق" دى، إلا لو الفيلم فعلاً لاطش مشاهد أو أحداث كاملة بشكل فج (زى مثلاً أول مشهد فى فيلم الهرم الرابع)، لكن لو كل ما هنشوف فكرة قريبة من فكرة تانية هنقول لفظ "مسروق"، هنفضل مشاهدين سذج كده، وهيبقى شكلنا عبيط.

هتكلم على سبيل المثال على الفيلم العظيم "خط دم" اللى كان هيجيب لى شلل وانا بشوفه. إحنا نسلخه عشان هو فيلم تعبان فنياً ماشى، بس موضوع إنه مسروق من قصة/فيلم Pet Sematary ده كلام خيبان قوى، أى حد بيقوله عنده جهل وإنعدام نضج للأسباب السابق ذكرها.

وعلى سبيل التسالى، خلينا نتتبع ببحث بسيط أصل Pet Sematary شخصياً اللى المدعين دول بيتعاملوا معاه على إنه الفكرة الأوريجينال اللى ستيفن كينج خلقها من العدم.

-----------
1) خيط دم (2020): فيلم بيتكلم عن إتنين متجوزين إبنهم حصل له حادثة وخلاص قرب يموت، فهيقرروا يحولوه مصاص دماء عشان يعيش. مش هدخل فى تفاصيل الأحداث لأنها متخلفة، والقصة مفككة جداً، لكن دى الفكرة العامة يعنى.

2) رواية Pet Sematary (نشرت عام 1983) هى رواية حلوة لستيفن كينج. بتحكى عن واحد سكن هو وعيلته جنب مدافن ما مريبة كده، وصاحبنا هيعرف إن المدافن دى أى حيوان بيتدفن فيها بيرجع حى تانى. المهم صاحبنا ده إبنه هيموت فى حادثة فهيقرر يجرب الموضوع فى إبنه شخصياً! وإبنه هيرجع للحياة فعلاً، بس "مش هيكون هو إبنه بالظبط، ولكن فيه حاجة غلط مخيفة مش قادر يحددها". التيمة المرعبة الشهيرة بتاعة إن حد يختفى ويرجع، بس يكون مخيف بعد ما رجع. انا ممكن أعدّ من ذاكرتى دلوقتى عشرين فيلم رعب وخيال علمى على نفس التيمة دى. المهم يعنى إن الرواية دى إتعلمت فيلم مرة سنة 1989، ومرة سنة 2019 (وده اللى غالباً الأذكياء الجدد بيشيروا إليه، وبيقولوا إن الفيلم العربى "مسروق" منه).

3) الرواية دى بقى هى الأصل؟ لأ طبعاً ما قلنا مفيش حاجة إسمها "الأصل"! الأفكار لا تفنى ولا تستحدث من عدم.

الحقيقة إن الرواية دى ستيفن كينج استوحاها من قصة قصيرة إسمها The Monkey's Paw تأليف W. W. Jacobs واتنشرت سنة 1902. بتحكى ايه القصة دى؟ عن راجل ومراته هيلاقوا مخلب قرد متحنط مسحور وده بيمنحهم 3 أمانى بيتنفذوا بس توابع الأمانى دايماً بتكون وخيمة، والاتنين دول إبنهم هيموت، وهيتمنوا إنه يرجع من الموت، وهيرجع فعلاً بس هيبقوا شاكين إن الشىء اللى رجع ده ممكن "ميكونش إبنهم بالظبط" إلخ… طبعاً التشابة واضح.

4) هل The Monkey's Paw هى الأصل؟ برضه لأ طبعاً، لكن الرواية دى بدورها مستوحاه من 3 مصادر مختلفة:

  • ألف ليلة وليلة - قصة علاء الدين والمصباح السحرى: دى جت منها تيمة التلات أمانى. (تم تجميع ألف ليلة وليلة على مدى عدة قرون ومحدش عارف لها تاريخ)
  • مسرحية Doctor Faustus بتاعة كريستوفر مارلو: ودى جت منها تيمة إنك تبيع نفسك للشيطان عشان تحصل على مكاسب دنيوية، لكن العواقب بتكون دايماً وخيمة. (يقال إنها ظهرت لأول مرة حوالى عام 1592)
  • الكتاب المقدس: واللى جه منه تيمة إقامة الموتى. (إنجيل يوحنا يقال انه اتكتب بين سنة 70م إلى سنة 110م).

5) طب لو مسكنا خيط مسرحية Doctor Faustus مثلاً ومشينا وراه، هنلاقى إنها مستوحاه من أسطورة ألمانية قديمة إسمها Faust. طب لو أخدنا Faust هنلاقيها إن أساسها كفكرة هى مبنية على خطية الغرور أو الـVanity اللى بتدمر صاحبها فى النهاية، ودى مثلاً كانت موجودة فى قصة Narcissus فى الميثولوجيا الإغريقية إلخ… إفضل بقى فى التتبع ده من هنا للسنة الجاية واللى الناس بتوع الدراسات الأدبية بتعمل فيه دكتوراة.

-----------

هنا نحب نسأل الناس اللى بتزعم إن فيلم خط دم ده "مسروق من" فيلم Pet Sematary: طب ليه ميكونش -على حد تعبيرهم- "مسروق" من أى حاجة من الحاجات التانية اللى ذكرناها يعنى؟ ما كلهم متشابهين!

هما قرروا إنه "مسروق" من الفيلم ده بالذات لأنهم ميعرفوش غيره، يعنى نظرهم ومعرفتهم ميجيبوش أبعد من كده. الحقيقة ببساطة هو إن مفيش سرقة، بس فيه أفكار بتتضرب فى الخلاط منذ قدم التاريخ ويعاد إنتاجها، وبتطلّع لنا حاجة شكلها مختلف شوية كل مرة مش أكتر. زى ما بدأنا الكلام:

Give me the same thing...only different!

الحقيقة كمان هى إن الموضوع مش تسلسل أفكار خطّى Linear (يعنى ألف أخد من باء، وباء أخد من جيم، وجيم أخد من دال) زى الشكل المبسط اللى عرضته ده، لكن الأفضل النظر للموضوع على إنه Network متشابكة ومعقدة، وكل Node فى النتوورك دى بياخد أفكاره من شوية Nodes تانية حواليه، بيضربها فى الخلاط ويطلع حاجة جديدة شبه اللى كانت قبلها، only different.

ختاماً، نكرر طلبنا للأستاذ أبو العرّيف إنه يرحمنا من الملاحظة الذكية بتاعة "هاهاها ياعم ده مسروق من فيلم كذا"، ونبدأ ننضج فكرياً، ونفهم إن كل الحكاوى خلصت بالفعل تقريباً منذ بدء الخليقة، وإننا من ساعتها بنلف فى نفس الدواير، وبنعيد إنتاج نفس الأفكار، ولكن مع تغييرات طفيفة جداً.

شكراً.

27 يوليو 2017

المتاخدين

بيزنّوا فى ودنه بكلام كتير عن Game of Thrones، يبقى لما يتفرج عليه يشوفه أحلى مسلسل فى الكون (واللى ينتقد يبقى شاذ وغريب). بيقولوا قدامه كتير إن فيلم ما أخد أوسكار، يبقى الفيلم ده أعظم فيلم نزل فى التاريخ (واللى ينتقد يبقى شاذ وغريب). بيشوف بوستات كتير عن جمال وحلاوة النوتيلا، يبقى النوتيلا دى أبدع شىء فى الوجود (واللى ينتقد يبقى شاذ وغريب). بيسمع الناس بتتغنى بجمال فيروز، يبقى فيروز دى إلهة عنده (واللى ينتقد يبقى شاذ وغريب).

"المتاخدين"...كلامنا النهاردة -تانى- عن "المتاخدين".

المتاخدين هما اللى بيتاخدوا ورا أى publicity بتتعمل حواليهم، وبيجروا وراها وبيتأثروا بيها، خلطة مكلكعة من الرغبة فى الزياط، على الـconformity والرغبة فى عدم الإختلاف مع اللى باين قصادهم إنه رأى عام، على مركّبات نقص فى إنهم عايزين يبانوا بيفهموا، على قصور عقلى يمنعهم من تكوين رأى مستقل، على حاجات نفسية تانية انا لسه بحاول أفهمها.

انا هنا لا أنتقد نهائياً الناس اللى بتعشق الحاجة فعلاً حتى لو كانت مين ستريم، الناس اللى مخها شغال ولو ناقشتها بتلاقى لها وجهة نظر ممتعة فى أدق التفاصيل حتى لو انت مختلف معاهم فى التفاصيل دى تماماً. دى ناس لازم تُحترم. حتى انا لما بيعجبنى حاجة سواء مين ستريم أو لأ ببقى advocate مزعج جداً لها ولا كأنى شغال فى الماركتينج تيم بتاعها، ولما بسمع حد بيعيب عليها مثلاً ببقى مهتم جداً أتكلم معاه عشان أعرف ايه اللى معجبوش فيها وأفهم وجهة نظره إتكونت إزاى، وهل له وجهة نظر فعلاً ولا لأ.

بغض النظر عن إن اللى ذكرته ده يعتبر قواعد مطلقة، وإنى مش محتاج أنتقد أمثلة فرعية عشان أثبت القاعدة العامة، لكن خلينا نتسلى ونقول على سبيل المثال لا الحصر:
- الأوسكارز بيدخل فيها ألاعيب كتير جداً من شركات الإنتاج، بالإضافة إلى درجة من الـpolitical correctness فى إختيار الأفلام الفائزة تكاد ترقى لأن تكون فساد تام فى الإختيار.
- المؤسسات المنتجة بتدفع لصفحات الـcomics اللى فيها ملايين الميمبرز عشان يمطروا الناس بوابل من الكوميكس كل يوم عن مسلسلاتهم ومنتجاتهم عشان يدوك إيحاء إن الكون كله بيتفرج عليها أو بياكلها وانت الوحيد اللى لأ، فتروح تتفرج عليها أو تاكلها، وطبعاً لأنك متاخد هتتغنى بجمالها.
- حتى الـword of mouth على السوشال ميديا بيدخل فيها مصالح إعلانية مريبة، على سبيل المثال البوستات اللى بتظهر فجأة -من كذا شخص فى نفس الوقت- وبتقول "انا إكتشفت أبليكيشن فظيع يا جماعة إسمه شقلطنى مش عارف كان غايب عنى فين وبرقبة أوبر وكريم وبيعمل كذا كذا كذا واتبسطت منه موت موت موت (**مفيش أبليكيشن إسمه شقلطنى ده مثال فقط**).

حرروا عقولكم شوية، وتقبلوا حقيقة إن فيه واحد غلبان زيى من حقه يشوف حاجات مغايرة بسيطة زى (على سبيل المثال لا الحصر):
- الشكولاتة الفيريرو حلوة آه بس متستاهلش ربع تمنها، والنوتيلا لطيفة جداً بس فيه شكولاتات تانية برقبتها.
- مسلسل Game of Thrones شيق وممتع جداً فعلاً، بس فيه مسلسلات كتير أعمق وأحلى وأكثر تعقيداً وإمتاعاً منه.
- فيروز انا بعشق حتى صوت نَفَسها، بس ممكن وهى بتغنى تنشز فى حتة غصب عنها عادى، وانا لما هسمع النشاز ده هقول "ايه ده هى نشزت هنا ليه كده"، عادى يا جماعة!
- عمرو دياب بيكرر نفسه بشكل بشع وأغانيه القديمة إحنا بنحبها عشان هى جزء مننا مش أكتر. أما منير اللى كنا راسمينه فى خيالنا طلع مكانش موجود غير فى خيالنا، وبالمناسبة كان له أغانى كتير أقل من العادية برضه بس إحنا كنا بنعتبرها خارقة عشان it's منير، أما اللى موجود دلوقتى شبهه ده كائن فضائى معرفش جه من أنهى كوكب.
- فيلم Dunkirk حلو جداً، بس مهواش أحسن فيلم حرب إتعمل نهائياً، وفيه أفلام حرب تانية برقبته، وفيه أفلام كريستوفر نولان عملها أهم بكتير منه، رغم إنها مش أفلام ملحمية زيه.

ملخص يعنى للبوست ده: لو انت عاجبك أى حاجة عشان انت صاحب رأى فعلاً، حقك تماماً ورأيك يحترم وعلى راس الكل من فوق ونتشرف بمناقشتك. أما إذا كنت بتتاخد ورا كل المصانع والمبانى من قِبل كل المؤسسات تقريباً، إحنا مش كده، إحنا مش زيك، سيبنا بقى نـspeak our minds براحتنا لو سمحت.

27 يونيو 2017

دراما تالتة رابع

تم نشر هذه التدوينة فى موقع زائد 18 فى 27/06/2017


لم يسعدنى الحظ لمشاهدة مسلسل “لأعلى سعر” هذا العام رغم متابعتى لأعمال الفنانة نيللى كريم لعدة سنوات الآن. ولكن تمكنت من متابعة خط سير أحداث المسلسل من بعيد عن طريق حكايات الأصدقاء والأقارب عن المسلسل. سألت عندما سمعت القصة لأول مرة “وبالطبع قاموا بإظهار الحبيبة الثانية أنها شخصية سيئة للغاية لتسهيل الأمور على أنفسهم؟”، وتمنيت أن تأتى الإجابة بـ”لا” ولكن جاءتني الإجابة للأسف بنعم، فشعرت بخيبة الأمل. لكن زادت خيبة أملى أضعافا مضاعفة عندما شاهدت مشهد ذبح الحبيبة الثانية فى مشهد النهاية بأسلوب “العدالة الشعرية” البدائى فى الدراما، حيث قدمت الشخصية منذ البداية على أنها شخصية شريرة، وفى النهاية يتم ذبحها فى سلاسة، فهى شريرة وتستحق ذلك، وهذا حتى يعود البطل إلى زوجته ويعيشان فى سعادة.

الحقيقة أنه عند اللجوء لهذا المَخرج الدرامى البدائى -بتشوية أحد أطراف العلاقة المثلثة- لم يعد هناك عقدة وصراع وحل مثلما علمونا فى مبادىء البناء القصصى، فالقصة انتهت بالفعل. لقد صورنا الطرف الثالث أنه شرير، إذن فلنفعل بها ما يحلو لنا من قتل أو ذبح، وليشمت فيها المشاهد الخلوق محدود القدرة فى النهاية ويقوم من أمام التلفاز وهو راضٍ قانعًا، فالشريرة قد نالت جزاءها وتحققت العدالة الشعرية الجميلة، ولم يعد متبقٍ سوى أن يخرج لنا صوت الفنان محمد صبحى ليلقى علينا الدروس المستفادة من القصة.

هذه دراما بدائية جديرة بقصص الأطفال؛ حيث يكون الخير والشر واضحين وضوح الشمس، وحيث ينتصر الحق فى النهاية، وحيث “الكارما تعود دائمًا لتعضك فى مؤخرتك” كما يقول الأمريكان، لكن هنا نأسف لإبلاغكم أن الكارما -فى المعتاد- لا تعض مؤخرات الناس بهذا الشكل الساذج.

فقط فى الكتابات البدائية يتم تفريغ الدراما من الصراعات الحقيقية، ثم يقوم المؤلف بحشوها بصراعات وهمية لمدة 30 حلقة. هذه هى دراما الأخ الأكبر المليئة بالمواعظ والدروس المستفادة، التى تنتهى بالمشاهد الساذج إلى الوقوف فى منتصف الفصل ليتلو فى ذكاء وألمعية ما تعلمه من القصة، فيستمع إليه المدرس، ثم يشير له فى رضا ويدعوه للجلوس مرة أخرى فى مكانه.

– يعنى أى حد بيعمل حاجة غلط، الكارما بترجع تعضه فى طـ**ه يا أستاذ، صح؟
– صح يا ولد. أقعد.

لقد انتهت تلك الحقبة الدرامية منذ زمن بعيد، لذا رجاء احترموا عقولنا قليلًا. إن ما تصممون على تقديمه ليس صراعًا دراميًا حقيقيًا بل هو إهانة للعقول، فالصراع الدرامى الحقيقى فى العلاقات ثلاثية الأضلاع يكمن فى كون الأطراف الثلاثة أناسًا عاديين وطيبين. وقتها فقط يحدث الصراع الحقيقى الذى يشعل التفكير: فعندما يقع الزوج الطيب ذو الزوجة الطيبة فى حب امرأة أخرى طيبة، ماذا سيحدث وقتها؟ أين المخرج من هذا المأزق؟

من أكثر الروايات التى قرأتها تحديًا للعقل والروح من هذا النوع كانت رواية The Bridges of Madison County للكاتب روبرت جيمس وولر التى تم نشرها عام 1992، لتتحول فى عام 1995 إلى فيلم من أعظم الأفلام الدرامية من بطولة ميريل ستريب وكلينت إيستوود (والذى قام بالإخراج أيضًا).


القصة تحكى عن فرانشيسكا ربة المنزل التى تعيش فى الريف الأمريكى، والتى يغادر زوجها وأولادها بيتهم إلى المدينة لبضعة أيام ويتركوها وحدها بالمنزل، فتقابل بالصدفة “روبرت”، مصوّر مجلة ناشونال جيوجرافيك الذى كان يزور بلدتها الريفية الصغيرة فى نفس التوقيت لتصوير بعض الجسور القديمة هناك. تتطور القصة ويقع الاثنان فى حب بعضهما البعض خلال بضعة أيام يقضيانها سويًا فى البلدة الصغيرة. وتوضح القصة كيف تلاقت روحيهما سويًا، وكيف وجد كل منهما فى الآخر القطعة الناقصة من روحه.
يتفق الاثنان على الهرب سويًا، ولكن تتراجع فرانشيسكا فى اللحظات الأخيرة بعدما تفكر مليًا فى التبعات المدمرة لقرارها هذا على أولادها الصغار وزوجها الطيب. فى النهاية يرحل المصور وحيدًا، وتعيش فرانشيسكا فى بيتها حتى تشيخ، وتقضى آخر أيامها كامرأة مسنة تقوم برعاية زوجها المريض وأولادها، إلى أن يتزوج أولادها ويسافروا، ثم يتوفى زوجها، ثم تتوفى هى أيضًا فى هدوء، لكنها لم تنس أبدًا تلك الأيام التى تلاقت روحها فيها مع شخص آخر قام برد الألوان ولو لعدة أيام إلى حياتها ذات الأبيض والأسود.

“And in that moment, everything I knew to be true about myself up until then was gone. I was acting like another woman, yet I was more myself than ever before. “
― The Bridges of Madison County

يلاحظ هنا أن القصة لم تقم بالحط من شأن أى من أطرافها، كذلك لم تقم بقتل أحد الأطراف فى ميتة بشعة مثلما حدث على سبيل المثال مع شخصية سعاد حسنى فى فيلم الحب الضائع (1970) بأسلوب “فش غل المشاهد”، بل فى روايتنا الرائعة استمرت الزوجة فى التضحية بنفسها والتفانى فى خدمة زوجها وأولادها حتى النفس الأخير، والزوج أيضًا ظل رب بيت طيبا محبا لها ولأولاده حتى الممات. وحتى الطرف الدخيل -إن جاز التعبير- أبرزت الرواية أنه مجرد شخص صادق عبر فى حياتها وأحبها بالفعل، لكنه احترم قرارها فى النهاية ورحل وعاش باقى حياته وحيدًا حتى مات بعد سنين طويلة.


ناقش نفس الفكرة كذلك فيلم Little Children إنتاج عام 2006، فهذه المرة نرى البطل متزوجًا زواجًا مستقرًا من زوجة جميلة ولديه ابن يحبه، ولكن ينقصه الشغف فى حياته. عندما يقابل البطل الأم المنفصلة (قامت بدورها كيت وينسليت) ينشغلان ببعضهما البعض عن بيوتهم وأولادهم، ويقرران الهرب سويًا، ولكن تتطور الأحداث بشكل ما ليتوقف تنفيذ المخطط ويعود كل منهما لمكانه الأصلى، هكذا دون الحاجة لتشوية أى من الأطراف بغرض الحصول على مخرج سهل من المأزق الدرامى.

“- Oh, that’s nice. So now cheating on your husband makes you a feminist?
– No, no, it’s not the cheating. It’s the hunger. The hunger for an alternative, and the refusal to accept a life of unhappiness. “
Little Children (2006 Film)


على الرغم من أن الكتاب فى المثالين السابقين حاولا إعادة الأمور فى النهاية إلى نصابها الأصلى بعدم تنفيذ خطة الهرب (على عكس ما حدث فى رواية قواعد العشق الأربعون مثلًا)، ولكن مثل هذا النوع من القصص الذى لا يشوه أحد الأطراف، يمثل قمة النضوج الدرامى الذى يخلق صراعًا حقيقيًا داخل القارىء/المشاهد ويثير ذهنه ويجعله يتساءل: أين الصواب وأين الخطا؟ جميعنا يوجد فى محيطه أزواجًا وزوجات يعيشون كالموتى ولا يربطهم ببعضهم البعض سوى المسئوليات، فهل لو كنت مكان البطلة لقمت بالتضحية واستمررت بدفن حياتك مثلها لأجل من تحبهم؟ أم أنك كنت ستنجو بنفسك من تلك الحياة المميتة الجاثمة على روحك؟ هل كان من حقها أن تحب شخصًا آخر رغم أن زوجها رجل طيب يحبها ويرعاها؟ وهل الحب هو إختيار فى الأصل؟ وإن لم يكن إختيارًا، فهل هذا مبرر للخيانة؟ بل يتطور الأمر بالقارىء/المشاهد للتفكير فى تعريف الخيانة نفسه: هل تكون خائنًا لشريكك عندما تجد روحك رفيقها الذى طالما بحثت عنه؟ أم أنك تخون نفسك عندما تختار أن تبقى تعيسًا حتى آخر لحظات عمرك القصير على الأرض؟

تلك أسئلة لا إجابة لها لدي، ولكن يكمن انتصار الدراما/الرواية الحقيقى فى أن يثير تلك العاصفة من الأسئلة فى ذهنك، ثم يتركك وحيدًا حائرًا.

ولكن لماذا نجهد عقول ربات البيوت وأزواجهم -ذوي الكروش- فى التفكير؟ لماذا نضعهم فى مواجهة مباشرة مع صراع حقيقي قد يذهب بسلامهم النفسى وراحة بالهم؟

وجب علينا أن نشكر كتابنا الطيبين الذين يبذلون كل ما فى وسعهم للحفاظ على صحتنا النفسية، فهم لا يريدون استنزافنا فى التفكير فى تلك الأشياء المزعجة، لذا يلجأون إلى المخرج الدرامى المريح للضمائر والذى يجعلنا ننام كالأطفال قريرى الأعين: هذا بالطبع وغد فأكرهه، هذه بالتأكيد عاهرة فلتشمت فى موتها.

المجد للأخلاقيات البلاستيكية والدراما المقولبة الجوفاء المريحة للبال.

“It’s a world of safety out there, for most people. They want safety, the magazines and manufacturers give them safety, give them homogeneity, give them the familiar and comfortable, don’t challenge them. “
― The Bridges of Madison County

10 أبريل 2016

تجربة وإعتراف وخواطر ملخبطة

من كام يوم كده لقيت نفسى حد دخلنى على كونفرسيشن غريبة على فيسبوك فيها ناس معرفهاش، ومكنتش فاهم منها حاجة، بس فيها ناس كانت بتتفق على معاد ايفينت ما وفيه كلام عن تصوير. فضلت أقلب لغاية ما عرفت مين اللى دخلنى فيها، وأتصلت بصديقى اللى دخلنى بقول له ايه ده انا مش فاهم حاجة؟ قال لى إن ده جروب مصورين بس charity وفيه حفلة أطفال يوم الجمعة هيروحوا يشاركوا فيها بالتصوير، فهو قال لى على أساس إنى لسه بتعلم تصوير وكده بحيث لو حبيت أنزل أشترك معاهم وبالمرة أكتسب خبرة يعنى. دخلت على الكونفرسيشن لقيت معظم الناس بتعتذر لأن عندها مواعيد تانية اليوم ده لأنهم اتبلغوا متأخر، وانا تحمست قوى للنزول، وقلت دى حاجة خيرية كمان مينفعش اتأخر مادام انا فاضى فى الوقت ده. رحت داخل قايل لهم انا معاكم أكيد.

وقبل الحفلة بيوم لقيت حد من المنظمين حط لينك للإيفينت نفسه، فتحته بالصدفة، واتفاجئت إنها حفلة تابعة ليوم اليتيم!!!! اللى انا بكره حتى أسمع إسمه لأسباب أعتقد إنى اتكلمت فيها كتير قوى قبل كده.

طب أهبب ايه انا دلوقتى؟؟ كلمت صاحبى طبعأً بقول له على الورطة دى اللى ورطنى بحسن نية فيها، قال لى لو عايز تعتذر إعتذر، قلت له بس انا ارتبطت مع الناس خلاص والوقت اتأخر على الإعتذار وهتبقى قلة ذوق ووطيان منى إنى أقول لهم مش جاى على آخر وقت، خصوصاً إن العدد مش مستحمل يقل أكتر لأن فيه ناس بالهبل معتذرة أصلاً. طب أعمل ايه انا يعنى؟!

فى الآخر قررت أنزل وأتصرف على حسب اللى هشوفه أياً كان اللى هيحصل، وقلت هسأل الأول على الأقل ايه اللى هيحصل بالظبط. الصبح أول ما وصلت إكتشفت إن حد من اللى منظمين الموضوع صديق أعرفه كويس، أخدناه على جنب وقلت له انتوا هتعملوا ايه بالصور دى؟ قال لى إحنا بنصور كل طفل صورة بورترية لوحده، وبنطبعهم قبل إنتهاء اليوم، ونديها لكل طفل فى ايده كهدية له وبيفرحوا بيها قوى. بس كده؟ آه بس كده. يعنى الصور دى مش هلاقيها مرمية على فيسبوك فى ألبوم على أى بيدج ولا ألاقيها طالعه sponsored فى أى حملة دعائية حتى لو لنشاط خيرى؟ العيال دى صورها مش هتتنشر public بأى شكل؟ أكّد لى إنها مش هتتنشر وإنها مجرد هدية بسيطة للعيال نفرحهم بيها.

اتطمنت على الأقل إنى مش هشارك فى جريمة من اللى بشوفهم أونلاين طول الوقت من تدمير لخصوصية الأطفال دول، وده لأن الشخص اللى أكد لى الكلام هو مصدر ثقة بالنسبة لى، وكمان الشباب اللى نازلين يصوروا فى منتهى الإحترام، رغم إنى مازلت معترض تماماً على الفكرة المقرفة بتاعة يوم اليتيم، وفكرة اليوم اللى إحنا رايحين نشارك فيه (أطفال عدة دور رعايا هتتجمع فى جنينة مدرسة كبيرة ناحية المندرة، يلعبوا ويتصوروا وياخدوا هدايا ويروحوا). فقررت بما إنى على الأقل مش هعمل جريمة شنيعة (من وجهة نظرى) إنى أكمل اليوم بسبب إرتباطى مع الناس، وربنا يستر ومكونش سبب أذى لأى حد.

جت عربية أخدتنا على المكان ونزلنا وأستعدينا، مدرسة لغات كبيرة أرضها مليانة عدد ضخم من الأطفال الأيتام ولاد وبنات + مشرفاتهم، والتاسك هو إننا هنقسم دور الرعاية علينا، وكل دار رعاية هتوقف الأطفال بالدور يتصوروا طفل طفل، وفيه حد من التيم هيجمع الصور يظبطها ويطبعها ويرجعهالهم انى مطبوعة قبل آخر اليوم يوزعوها على الأطفال كل طفل ياخد صورته.

بدأنا وأول دار اتقسمت بينى انا وصديقى اللى دخلنى فى الكونفرسيشن عشان عددهم كبير(ولأنى لسه جديد برضه)، طابور وقف جنب كل واحد والمشرفة بتجيب الطفل توقفه قدامنا نصوره وبعدين تجيب اللى بعده وهكذا.

دى كانت أول مرة فى حياتى أحتك بالأطفال الأيتام أصلاً، فإنطباعى الجاى ده أكيد هيبان إنه بتاع واحد وسطحى بيكتشف حاجة غريبة عليه: انا كل اللى شفته أطفال قمر وشيك وزى العسل وفى منتهى الأدب، وتحس إنك عايز تسيب اللى فى ايدك وتروح تلعب معاهم على المراجيح ولا حاجة، آخرهم يعنى فى الشقاوة إن الكبار بتوعهم (10 سنين مثلاً) ممكن يتلامضوا شوية أو يغلسوا على بعض بهزار وهما بيتصوروا. والمشرفات دايماً مش بيستخدموا غير لفظ "أخوك" و "أختك" لما بيكلموا حد فيهم على حد تانى من زمايله، مفيش زمايل فيه "أخوك" و "أختك" فقط.

انا كنت قاعد بتفرج على العالم ده كله من خلال العدسة، كل ولد أو بنوتة ييجى يقف قدام الكاميرا كأنه نجم سينمائى وياخد الـpose ويضحك وبتاع، فيه منهم عيال تحسهم فاشون موديلز بالفطرة أصلاً لدرجة إنى مكنتش مصدق اللى انا شايفه بصراحة. ولما لقيتهم فرحانين قوى كده بالتصوير وعلى طبيعتهم ومفيش أى تنشنة أو زعل من ناحيتهم حسيت الضغط النفسى اللى كنت فيه بسبب الورطة دى خف جامد، لغاية ما طبعاً رحت واخد بالقلم على وشى فى ساعتها عشان أفوق من العالم السعيد اللى انا قعدت فيه الدقايق البسيطة دى.

...كعادتى يعنى، ايه الجديد فى كده؟؟

كانوا بنتين أكبر من اللى فاتوا كلهم، عندهم حوالى 12-14 سنة، الأولانية جت وقفت وهى مكشرة ومش طايقة نفسها وعمالة تتنطط زى ما تكون مش عايزه تقف، بهزر معاها بقول لها ايه فين الضحكة؟ مفيش ومش عايزه تبص لى حتى. يا بنتى إضحكى. مفيش. رحت مصورها وخلاص ووقلت لها تمام. جريت من قدامى زى ما تكون كانت بتتعاقب. جت صاحبتها عماله تقدم رجل وتأخر رجل، مش عايزه تقف ومتضايقة ومتضررة قوى، فقلت لأ بقى هو فيه ايه!! نزلت الكاميرا ورحت لها بقول لها مالك زعلانة ليه؟ قالت لى مش عايزه أتصوّر. قلت لها طيب براحتك خالص طبعاً هو بالعافية؟ إحنا مجرد بنصورك ونجيب لك الصورة هدية تحتفظى بيها بس، لو مش عايزه زى ما تحبى دى حريتك يعنى، قالت آه مش عايزه وراحت ماشية، ووقفت على جنب سندت على السور ووشها عليه حزن الدنيا كله. حزن مش كسوف، وده اللى وجعنى.

صاحبى أخد باله هو وبنت تانية من الـVolunteers اللى كانوا موجودين فراحوا هزروا معاها وبتاع، ووافقت تتصور على مضض، وانا كنت خلال الوقت اللى بيقنعوها فيه ده بكمل تصوير باقى العيال وانا مش شايفهم تقريباً من كتر مانا متضايق، وباصص على البنت بجنب عينى وفى دماغى كل الأفكار اللى كنت بحاول أبعدها عن بالى من ساعة ما اليوم ده بدأ.

اليوم كمل وخلصنا تصوير والشباب دخل الأوضة يجمع الصور ويبدأ يشتغل عليها ويحضرها للطباعة، أخدوا الصور مننا Cut مش Copy بالمناسبة ودى بالنسبة لى كانت حركة إحترافية منهم، رغم إنى كان نفسى أشوف الصور على شاشة جهازى عشان أتعلم من الغلطات اللى عملتها، بس قلت لنفسى ده الأصح عموماً فمش هتكلم. جه معاد صلاة الجمعة والناس راحت تصلى على أساس يكملوا باقى فعاليات اليوم بعد الصلاة، فأخدت بعضى وروحت، لأنى مكنتش متظبط نفسياً بسبب الموقف، وجسمانياً لأن ضهرى كان واجعنى جداً.

طول السكة وانا مروّح عمال أفكر فى اللى حصل، وليه الصغيرين مبسوطين والمراهقات هما اللى كانوا متعذبين. أدركت ساعتها إن المشكلة بتكمن فى الـSelf Awareness اللى بيبدأ يظهر مع إنتهاء مرحلة الطفولة. التأثير النفسى السلبى اللى بتتسبب فيه الأيام والفعاليات اللى زى دى عمرها ما هتظهر على طفل غير مدرك، لكن طبعاً هيكون لها تأثير فوق المدمر على بنت مراهقة بدأت تدرك حقيقة واقعها المؤذى فى مجتمع قذر متلون، مدعى للتدين والأخلاق، زى مجتمعنا المقزز. الطفل قد يكون بيتصرف ببساطة وأى حاجة بتفرحه، إنما دى بالنسبة لها إحنا جايبينها فى حفلة ساذجة وسمجة، عشان نعذبها ونفكرها بمشكلة حياتها، وكمان موقفينها فى طابور عشان فى الآخر تقف قدام واحد سخيف زيى يصورها، كأنه بيثبت عليها المشكلة وبيحطها فى برواز؟! انا حاسس إنى عايز أعتذر للبنت دى لغاية النهاردة إذا كنت اشتركت ولو بشكل غير مقصود فى إنى أضايقها أو أؤذيها.

وصلت البيت وقعدت حابس نفسى فيه طول اليوم، وعلى نهاية اليوم لقيت الشباب كتبوا على الجروب إنهم طبعوا الصور ووزعوها وإن العيال فرحت بيها، فقلت الحمد لله، على الأقل فيه حد فرح بأى حاجة.

حاجات إتعلمتها فى اليوم ده:
1) يوم الإحتفال بـ"أى حاجة" عموماً هو فكرة ضحلة حمقاء إستهلاكية رأسمالية رخيصة، سواء كان يوم للحب أو للأم أو لليتيم أو غيرهم، وهنا انا ذكرت فكرة يوم "الإحتفال" أنها سيئة، بينما أظل مقتنعاً بفكرة يوم "التوعية" للحاجات اللى محتاجة توعية فعلاً، زى ما بيتعمل أيام للتوعية بسرطان الثدى والإيدز إلخ... ودى حاجة تانية خالص تختلف عن الإحتفال مع الأيتام أو ذوى الإحتياجات الخاصة أو مرضى السرطان.

2) يوم اليتيم إن كان مقبولاً كنشاط للأطفال حتى سن 6 سنوات مثلاً لأن الموضوع مجرد هيكون لعبة وتسلية، ولكن يعتبر جريمة إنسانية فى حق الأكبر سناً منهم، والأفضل فى جميع الأحوال -إتقاء لأى شبهة ضرر نفسى لهم- هو الإبتعاد عن تذكيرهم بده كل شوية فى المناسبة دى، وتقسيم الإحتفالات خلال العام فى المناسبات الطبيعية اللى الناس بتحتفل بيها، إعملوا لهم حفلات تخرج كل سنة مثلاً لما يخلصوا سنة دراسية، أى حاجة تكون عادية متحسسهمش إنهم مختلفين.

3) احنا محتاجين نقرب أكتر من دور الرعاية دى ونطلع جزء ثابت من دخلنا لهم حتى لو 50 فقط جنية شهرياً. أيوة جزء ثابت منتظم. إعتبرها فاتورة موبايل ولا نت. لو عدد كبير مننا عمل كده هيفرق جامد قوى، فى الآخر الفلوس اللى فى جيوبنا دى مش بتاعتنا عموماً لو بصيت للموضوع بشكل أوسع شوية. والعدد اللى انا شفته ده (وأعتقد فيه أضعافه كتير) مش عارف عشان يعيشوا عيشة محترمة بس بيتصرف عليهم بمبالغ خيالية إزاى. لازم نساعدهم. اللى شفته خلانى أدركت إن الموضوع لازم يبقى أساسى و Systematic زى ما بنطلع فلوس شهرياً لتكاليفنا الثابتة، مش مجرد تبرع كل اما نفتكر كل فين وفين.

4) "الإدراك لعنة" & "الإدراك مسبب للإكتئاب". ودول قاعدتين عامتين ممكن تطبقهم على أى حاجة وأى جانب وهتلاقيهم صح دايماً. ودى الرسالة اللى ورا رمزية قصة آدم وحواء: إنهم محسوش قد ايه هما عرايا وصغيرين قوى غير لما أكلوا من شجرة "المعرفة"، فأدركوا حقيقة واقعهم، وجروا واختبئوا، وأصبحوا restless إن جاز التعبير، بعد أن كانوا -وقت عدم إدراكهم- فى الطراوة طول الوقت وآخر انبساط.

النقطة الأخيرة دى مش غريبة ولا دخيلة على الموضوع، لأ، دى الموضوع نفسه.

اندرو جورج
10/04/2016


28 نوفمبر 2015

ضع القشرة جانباً وفتش عن الـCore Values

من محادثة قديمة مع صديق قديم أعتقد كانت بعد نزول فيلم "واحد صحيح":


- لا بس كويس إن السينما بقت بتقدم موضوع درامى زى ده بشكل سلس من غير ما يحصل مشاكل طائفية كتير زى زمان.
- هى الصدمة الأولى اللى غالباً بتبقى صعبة، بس انت ملاحظتش حاجة فى كل الأعمال اللى إتناولت العلاقات الرومانسية بين طرف مسيحى وطرف مسلم؟
- حاجة ايه؟
- دايماً الذكر هو المسلم والأنثى هى المسيحية ومينفعش عمل فنى يعرض العكس، لو حد حاول يعرض القضية بالعكس كان الفيلم إتمنع والكاست إتسلخ حىّ كله قبل ما يفكروا حتى يصوروه.

إبتداء من فيلم "الشيخ حسن" بتاع حسين صدقى وليلى فوزى (1954)، مروراً بفيلم "أرض أرض" بتاع إلهام شاهين وچيهان فاضل (1988)، ثم مسلسل "أوان الورد" بتاع يسرا وهشام عبد الحميد (2000) وأخيراً فيلم "واحد صحيح" لهانى سلامة وكندة علوش (2011). ولو فيه أعمال فنية تانية فلتت منى، كلها إتعرّضت للموضوع من نفس الزاوية دى، لأن الزاوية التانية يستحيل تصوّرها فما بالك بعرضها.

بقراءة تعليقات الكائنات وحيدة الخلية على خبر "أسرة تذبح ابنتها بعد ارتباطها بـ «مسيحي» في الفيوم" هتوصل لنتيجة واحدة فقط وهى إن الهجوم سببه ليس لمجرد إن له بعد دينى فعلاً كما ذكر بعض المعلقين، أو حتى بعد منطقى كما ذكر البعض الآخر "أصل الأولاد بيتبعوا دين أبوهم"، قد ما له بعد إجتماعى ذكورى بحت (وحط عشرتلاف خط تحت ذكورى دى).

فيه صوت قاعد فى خلفية دماغ كل واحد فى الناس دى، والصوت ده بيقول كلام يمكن تلخيصه فى جملة واحدة وهى كالتالى:
"رجالتنا تـ $@%# نسوانهم آه، بس مينفعش رجالتهم تـ $@%# نسواننا"

نفس الفكر اللى بيخلى أخونا الوسطى الكيوت بيقول للمتحرش أترضاه (((لأختك)))) بدل ما يقول له خلى عندك (((انت))) أخلاق عشان (((انت))) اللى هتتحمل نتيجة سوء أخلاقك، لكن لأ، بنكلمه كأن اللى (((هو))) بيعمله ربنا مش هيعاقبه (((هو))) عليه، إنما هيعاقب (((أخته))) بداله.

الموضوع كله نابع من ثقافة إمتلاك المرأة، وإعتبارها الـ"مفعول به" دايماً. انا أمد إيدى على (((حاجتك))) بس انت متمدش إيدك على (((حاجتى))). الست هنا تم إختزالها لكشكول مع طالب فى تالتة إبتدائى، انا أشخبط فى كراستك براحتى، بس لو شخبطت فى كراستى هرميك انت وشنطتك من الشباك!

وللعدل، ولأن الإزدواجية داء أخلاقى قذر ضارب البلد دى كلها، خلينا نعرض وجهات النظر اللى سمعتها من خلايا أميبا -مسيحية المرة دى- فى الموضوع:

1) الرأى الأول: تقدر تحصل عليه بإنك وانت بتحكى متقولش تفصيلة إن البنت بقت مسيحية قبل ما تهرب مع الراجل، ساعتها رأى خلية الأميبا هيكون كالتالى:
"بنت صايعة تربية شوارع إتلمت عليه وعايزة تلف دماغه عشان تاخده معاهم وتضيّعه، كويس إن أهلها قتلوها".

2) الرأى الثانى: وده بقى تقدر تحصل عليه بإنك وانت بتحكى القصة تقول تفصيلة إن البنت بقت مسيحية وإتعمدت إلخ...، ساعتها خلية الأميبا هتقول ردود من نوع:
"ده المسيح نوّر قلبها وزمانها نالت إكليل الشهادة ومع القديسين دلوقتى، يا بختها".

بتوسيع نطاق التفكير شوية عن الموضوع ده نفسه، ومحاولة النظر من Bird Eye والتفتيش عن البُعد المجتمعى ورا كل رد فعل بيحصل حوالينا، وعدم الإنخداع بقشرة "أصل الدين بيقول كده" اللى الشخص بيطفى دماغه بيها عشان ميواجهش نفسه هو بيقول كده ليه، هتقدر تحلل حاجات كتير قوى كنا بنسمعها ونستغربها، وهتكتشف قد ايه تداخل البُعد الثقافى المجتمعى مع الأديان ممكن يوصل لأنه يشكّل ويغيّر كتير قوى فى ما كنا نظنه أصولاً ثابتة لا تتغير. ببساطة لأن الـperception للأصول دى بيتغيّر بمنتهى السهولة حسب الوعى الجمعى الموجود وقتها. بس هو فى النهاية العالم نفسه ايه غير الـperception بتاعى وبتاعك وبتاع غيرنا، واللى فى النهاية بيبنى الوعى الجمعى اللى فى الآخر بيكوّن الـ"أصول" وكذا اللى "يصحّ" وكذا اللى "ميصحّش" فى الزمان والمكان اللى إحنا عايشين فيهم؟

عودة للموضوع، انا فعلاً مبقيتش عارف مبولة الإزدواجية دى واخدة الناس على فين، بس عموماً هحاول أبص للجانب الإيحابى وهو إن كل ما الواحد بيقدر يرصد أفكار إزدواجية عند نفسه أو عند حد تانى، فده بيخلى مداركه توسع، لأنه بيشوف قد ايه مفيش حقيقة مطلقة وإن كل شىء نسبى تماماً، وبيدرك قد ايه هو بأفكاره بقناعاته عبارة عن نقطة سودا حقيرة لا تُرى فى الكون الواسع ده.

يعنى إحنا كلنا ولا حاجة أساساً grin emoticon ...مش نرحم نفسنا بقى؟

28 نوفمبر 2014

فى التقدم والإرتداد


"لا يمكنك أن تحضر إنسان الكهف وتشرح له كيف يعمل التلفاز مباشرةً، فقبلها سوف تحتاج أن تشرح له معنى الحضارة، والكهرباء، والموجات، إلخ... حتى تصل به إلى مستوى التطور المطلوب الذى يستطيع عنده أن يفهم فكرة عمل التلفاز إذا شرحتها له."

(1)
بينما كنت أتجول فى قنوات التلفاز منذ بضعة أيام، لفت نظرى وجود أحد الأفلام الأجنبية التى كنت أعشقها فى فترة مراهقتى ولم أرها منذ وقتها. جلست أتابع الفيلم وبعد أقل من خمس دقائق تعجبت تماماً من نفسى أننى كنت أحب هذا الفيلم ذو السيناريو والحوار العقيم. جلست وحيداً بعدها أحاول تحليل أسباب نفورى المفاجىء من هذا الفيلم فوجدت أن السبب الرئيسى هو تركيبات الجمل الحوارية الموجودة بالفيلم والتى أصبحت تبدو ضحلة وقديمة وحمقاء. حاول مشاهدة فيلم عربى من الثلاثينات لتفهم قصدى حيث كان السكريبت وقتها يحتوى على جملاً مثل "حمدى حمدى حمدى حمدى، انا بحبك يا حمدى". هل فهمت ما أتحدث عنه؟ هذا هو ما أقصده مع الفارق أن هذا الفيلم الذى أتحدث عنه ظهر بالفعل فى فترة مراهقتى، وطبقاً لذاكرتى كان هذا الفيلم هاماً ولغته الحوارية كانت مكتوبة بشكل جيد، فماذا حدث؟ كيف أصبحت أرى سكريبت هذا الفيلم ضحلاً بهذا الشكل الغريب؟

(2)
أذكر جيداً مدى إنبهارى بالجرافيكس الرائعة للعبة مثل Fifa 97 على أول جهاز حاسب شخصى حصلت عليه بعد أعوام كنت أقوم فيها بلعب لعبة Soccer العتيقة الخاصة بشركة Konami على جهاز النينتندو، لكنى متأكد أننى لو رأيت Fifa 97 الآن لمُت ضاحكاً من ضعف الجرافيكس الخاصة بها بالمقارنة بالألعاب الموجودة حالياً. كذلك لو قارنت لعبة مبهرة وقتها مثل أولى ألعاب سلسلة Tomb Raider بأحدث نسخ اللعبة الأخيرة الموجودة حالياً لشعرت بالحماقة أنك أعتبرت الرسوميات الخاصة بالنسخة الأولى تلك أنها لن يُنتج ماهو أفضل منها أبداً! ماذا عن سلسلة Resident Evil؟ كان المحرك الرسومى الخاص بهذه اللعبة يعد شيئاً مرعباً وقتها، وكنت تحتاج جهازاً من الفضاء الخارجى لتستطيع لعبها دون أن تصاب بالشلل من بطء الحركة، لكن الآن لو رأيتها لبدت لك فى منتهى السخف. بغض النظر عن كل الكلام المحفوظ عن التطور التكنولوجى، كان هناك عامل آخر يتدخل فى حُكمى على الأمور ويجعلنى أرى الأمور وقتها دائماً أنها فى قمة التعقيد الممكنة، فقط حتى يزداد مستوى التعقيد لاحقاً أكثر وأكثر وأكثر.

(لارا كروفت عام 2013 مع لارا كروفت عام 1996)

(3)
قديماً كانت العلاقات الشخصية بين أى شاب وفتاة يتم توصيفها بكلمات هى: مخطوبين/متزوجين/متصاحبين(بمفرداتها)، أما الآن إزداد مستوى تعقيد توصيف العلاقات إلى Level of Detail يفوق الخيال. لن أتعجب لو أن فتاة حاولت توصيف علاقتها بشاب فى المستقبل القريب بجملة مثل "لأ لأ هى ايز نوت ماى بوى فريند خالص مين اللى قال لك كده؟ هو انا مجنونة أصاحب تانى بعد اللى حصل لى المرة اللى فاتت؟ انا علاقتى به بالظبط هى إننا: زى الإخوات بنسبة 26%، و Best Friends بنسبة 37%، وFriends with Benefits بنسبة 19%، وpart-time lovers بنسبة 18%". مع الفارق أنه وقتها -نظراً لاستحالة توصيف علاقة معقدة كهذه بهذا الوصف الطويل- سيقومون بإختراع كلمة مختصرة لتعبر عن هذا النوع من العلاقات، ويتم ضمها إلى قاموس اللغة الموجود وقتها.

أدركت هذا عندما وجدت نفسى فى موقف كوميدى حيث كنت مطالب بشرح معنى كلمة Friend-zoned لوالد صديقة لى رآنا نردد تلك الكلمة أمامه بالصدفة وسألنا عن معناها، واكتشفت مدى صعوبة توصيف هذه الكلمة البسيطة لشخص من جيل آخر غير جيلنا، وذلك لأن تلك الكلمة البسيطة عندما تم تفتيتها لتناسب مستوى الـsophistication الخاص بهذا الجيل السابق تحوّلت إلى جملة كاملة هى "زى ما كانت واحدة بتقول لواحد أيامكم (ده زى أخويا) يا عمو". مع العلم أن هذا الشخص لو كان من جيل أقدم من ذلك لأضطررت إلى تفتيت كلمة (زى أخويا) التى استخدمتها ذاتها إلى مكوناتها الأولية الأكثر بساطة والتى تناسب مستوى الفهم الأبسط، إلخ...


 (4)
المسألة فى الحالات الثلاث السابقة ليست نضجاً شخصياً فردياً ولكنه نضج للجنس البشرى بشكل عام. الفكرة هنا فى ازدياد وتوحّش الـLevel of Detail فى كل شىء خاص بالوعى البشرى عامة، حيث لم يعد ممكناً توصيف شىء ما بمستوى بسيط من التفاصيل كان يصلح مثلاً منذ عشرين/ثلاثين/أربعين عاماً، ولكن لابد من زيادة عدد النقاط التى ترسم تفاصيل هذا الشىء إلى نفس مستوى التعقيد الذى تعيشه البشرية فى ذات الزمن، وإلا نظروا لهذا الشىء أنه شىء سطحى/بدائى/غير واقعى.

 الأمر يشبه أن ترى لوحة مرسومة بإستخدام ستة ألوان فقط، ثم ترى نفس اللوحة مرسومة بإستخدام 12 لون، ثم بإستخدام 24 لون، ثم ترى نسخة منها تم رسمها بإستخدام بالتة ألوان كاملة تم تخليطها للحصول على مستوى دقة أعلى فى درجات الألوان المستخدمة. إذا رأيت أول نسخة من الصورة سوف تظن أن هذا أفضل شىء يمكن أن تراه عينك، ولكن بعد أن إرتفع مستوى وعيك تدريجياً وأدركت أن هناك دقة ألوان أعلى، وأعلى، وأعلى، ستنظر إلى النسخة الأولى من اللوحة أنها شىء بدائى غير مشبع لنظرك. كذلك الأمر فى التصميمات الثلاثية الأبعاد حيث بزيادة عدد المضلعات المستخدمة فى الرسم تظهر تفاصيل الرسمة الأكثر تعقيداً.




(5)
هنا خطر لى خاطر مرعب: هل يمكن عكس تلك العملية المتصاعدة؟ هل يمكن إبطاء/إيقاف/عكس الوتيرة التصاعدية فى التطوّر؟ هل يمكن لقوة ما إحداث ردة فى الوعى عن طريق عكس الإتجاة ببطء شديد دون أن يلحظ أحد ذلك، وذلك بالرجوع بمستوى التعقيد إلى الخلف؟ هل يمكن ذلك عن طريق التوقف عن ترديد النكات الذكية (بمستواها الحالى) والعودة إلى مرحلة النكات الذكية (بمستواها وقتها) مثل "مرة واحد جه يقعد على قهوة قعد على شاى"؟ هل يمكن ذلك عن طريق العودة بمستوى الدعاية الإعلانية فى التلفاز إلى مرحلة إستخدام ألحان الاغانى العالمية مع كلمات عربية مثلما كان يفعل طارق نور فى دعاية الثمانينات؟

لو افترضنا أن لدينا –الآن- مجموعة من البشر فى بلدة ما تم وضعهم فى Controlled Environment  (فكّر فى كوريا الشمالية)، حيث يشاهد أهلها أفلاماً قديمة لا تحتوى سوى على أنواع العلاقات البسيطة (إما صديق أو حبيب أو عدو إلخ...)، ولا يسمح لأطفالها سوى بلعب النينتندو والسيجا، ولا يشاهدون سوى الدعاية القديمة، ولا يتردد أمامهم فى وسائل الإعلام سوى اللغة البسيطة التى لا تحتوى على الألفاظ المعقدة مثل لفظ Friend-zoned؟ كل ما ستحصل عليه هو هبوط عام فى مستوى التعقيد الفكرى والإدراك البشرى، كأنك قمت ببساطة بإيقاف نمو هؤلاء عند مرحلة واحدة، كأنك وضعت لهم سقفاً لن يتعداه إدراكهم مهما حاولوا تطوير أنفسهم، كأنك قمت بإبطاء عقارب الساعة، بل كأنك قمت بإيقافها.

إذا كان لدينا مجموعة من البشر يشاهدون نفس القنوات الإعلامية التى تقوم ببرمجتهم بشكل يومى، وقمت بتبسيط مستوى اللغة الذى يقدم إليهم من خلال تلك المنابر، وزيادة ضحالة وبساطة المواد المقدمة إليهم، والإكتفاء بعرض الأفلام الكوميدية اللطيفة والإمتناع عن عرض الأفلام المعقدة الرمزية، وسمحت لهم بمواقع إنترنت محددة تقدم محتوى تسالى لطيف، فما الذى ستحصل عليه؟ بالضبط كأنك قمت بعكس دوران عقارب الساعة إلى الخلف لهذه المجموعة، ومع الإستمرار فى هذا الإتجاة وتقليل مستوى تعقيد اللغة بإنتظام ستستطيع بسهولة خلال عشرة سنوات مثلاً العودة بالوعى العام ثمانين عاماً إلى الوراء، حيث ستصبح أنت بالنسبة لهم كائن معقد شديد التطوّر، حينها تستطيع عزيزى الأخ الأكبر أن تحكمهم بمنتهى السهولة والبساطة ودون أدنى مجهود.

اندرو چورچ
28/11/2014

25 سبتمبر 2014

المدينة (قصة قصيرة)

شىء مؤسف حقأ أنهم أحرقوا مدينتك بالكامل أيها الملك العظيم...

سامحنى ولا تغضب من كلامى أرجوك، لكن انت من أخطأ حين خفضت دفاعاتك أمام من أقنعوك أنهم يمكن إئتمانهم على دخول مدينتك الحصينة. لحظة أنزلت فيها دفاعات القلعة كانت هى كل ما يحتاجونه لسرقة كنوزك وحرق المدينة بالكامل. المدينة التى قضيت حياتك فى بنائها وأفنيت فى كل ركن منها جزءاً من روحك.

أخبرنى ماذا تبقى لك بعد أن قاموا بفعلتهم النكراء هذه؟ لقد خسرت كل ما تملكه، وأصبحت تستحق لقب "ملك الأرض المحترقة" عن جدارة. بعدها صار عليك أن تحاول بناء أى شىء تستطيع بناؤه حتى تتمكن من العثور على مأوى لك على الأقل. ولكنهم قاموا بسرقة معظم كنوزك ومواردك التى كنت تستطيع إستخدامها فى إعادة الإعمار. كل ما تبقى لديك مما نسوا سرقته استخدمته فى إعادة بناء كوخ صغير على أطراف المدينة المحترقة لتعيش به وحيداً، وفى تثبيت جميع الدفاعات التى عرفتها -أو لم تعرفها- الشعوب الأخرى كى لا يقترب أحداً من هذا المكان مرة أخرى.

سيرى الجميع دفاعات المدينة الحصينة من الخارج وسيظنون أنك نجحت فى إعادة بنائها وأنها أصبحت تحوى الجنة من الداخل، ولكن لن يعلم أحداً أن كل تلك الأسوار لا تحمى بداخلها سوى أرضاً دُمِّرَت معظم نواحيها بغير رجعة، وكوخاً حقيراً يعيش به ملك عجوز أصابه مس من الجنون. لكن، لا يمكن أن يعلم أحد ذلك على الإطلاق. فهذا سرّك أيها الملك. لا تقلق فأنا لن أخبر أحداً.

لكنك أخطأت حين وثقت بى.

لماذا تنظر لى فى فزع؟ ألم أقل لك أنك أحمق؟ لقد كررت خطأك مرة أخرى وأدخلت الغرباء إلى مدينتك. أنت لا تتعلم من أخطائك أبداً، وأمثالك من الأغبياء لا يستحقون سوى قضاء عمرهم فى عذاب مستمر. لقد قمت بسرقة كل ما أستطعت سرقته من هذا المكان القذر أثناء إنشغالك بتحضير مكان لى للمبيت. هل صدّقت حقاً أننى بعد أسفارى الكثيرة سأبقى معك فى هذا المكان لإعادة أعمار مدينتك؟ يالك من عجوز معتوة!

والآن فليحترق مخبأك مرة أخرى. وأرجو حقاً إذا نجوت فى هذه المرة أن تحاول بناء مكان آخر لإيوائك، حتى يأتى غيرى ليسرق أى مما تبقى ولم أستطع انا سرقته فى تلك المرة. أنت تعلم مثلى أن أمثالك لا يتعلمون أبداً، أليس كذلك؟

وداعاً أيها الملك الأحمق، وداعاً.

اندرو جورج
20/09/2014

29 يوليو 2014

كُن وحدك!



(۱)
إنتشى فى سعادة وحدك...جُب العالم واستمتع بكل لذّاته وحدك...توحّد مع الكون فقط...لا تعتمد على شخص آخر لتكن سعيداً...استمتع وحدك...كُن وحدك...كُن وحدك...أنت محور الكون وجميعهم #مايستهلوشي !


(۲)
- التيار العام بقى غريب، فيه قوة مش فاهمها بتضغط جامد فى إتجاة إن كل واحد يبقى عايش مع حاله كده وخلاص.
- إشمعنى؟
- مش عارف...فاكر الصور المشهورة بتاعة الإتنين اللى بيجروا مع بضع فى المطرة ومبسوطين؟
- آه...
- الصور دى دلوقتى بتختفى بالتدريج، وبيحلّ محلها صور لواحد بيجرى لوحده فى المطرة وهو لابس بدلة وبيرقص فى سعادة، أو واحدة بتجرى لوحدها فى المطرة وهى لابسة فستان وبترقص فى نشوة كده.
- إحم...
(محادثة قديمة)


(۳) عن ميكانيزمات وأنواع حياة التوحّد
يحلل أطباء علم نفس الأطفال حب الأطفال للجلوس تحت المائدة بأن ذلك يشعرهم بالأمان، لأن العالم حينها يكون محدوداً (له سقف منخفض) وآمن، ويختفى منه الخوف البشرى من الكون الواسع الغامض (من وجهة نظر الطفل)، تماماً مثلما كان الإنسان القديم يختبىء داخل الكهف ليقضى ليلته آمناً من الكائنات الليلية الشيطانية التى يصورها له عقله. ولكن الطفل/الإنسان القديم رغم ذلك كان دائماً ما يمتلك كذلك الرغبة الدفينة فى الإستكشاف، والتى كانت فى صراع دائم مع رغبته الأولى فى الإختباء والشعور بالأمان، لذلك فقد كان دائماً يخرج من مخبأه من حين لآخر متسللاً، ليلقى نظره إلى العالم الخارجى ويكتشفه.

والآن أى رغبة فيهما هى الأقوى عندك؟ إذا كنت ترغب أكثر فى الإختباء، فسنصل إليك ونُذكى النزعة الفردية عندك أثناء إختبائك. أما إذا كنت ترغب أكثر فى الخروج وإكتشاف العالم، أيضاً سنصل إليك ونُذكى النزعة الفردية عندك أثناء إكتشافك للعالم...فلدينا من النزعة الفردية ما يناسب جميع الأذواق!

فلنبدأ...

(۳ - أ) النوع الأول: إختبىء وشاهد العالم من خلف شاشتك...وحيداً.
 بشكل ما يتم العمل بإنتظام على تحويل كل فرد إلى جزيرة منعزلة عقلياً تماماً، لا أعلم إن كان هذا عمداً أم بمحض المصادفة، وذلك بأدوات يدّعون أنها صُممت للغرض المعاكس مثل شبكات "التواصل الإجتماعى"، الهواتف المحمولة، إلخ...، فكل ما ساهمت فيه هذه الأدوات هو أنها جعلتك تصمم عالماً يحيط بك يتوافق مع ما تريده فقط تحت مسمى الـPersonalization، لن ترى سوى الأشياء التى تحب أن تراها، لن تسمع أو تقرأ سوى الآراء التى تحب أن تسمعها وتقرأها، لن تشاهد سوى الإعلانات التى تهتم بها، إلخ...حتى أنك لن تصل سوى إلى الشخص الذى تريد الوصول إليه لقضاء غرض ما سريعاً. لا أذكر آخر مرة قمت فيها بالسؤال عن صحة والد أو والدة أحد أصدقائى لأنهم من قاموا بالرد علىّ فى الهاتف بالصدفة، فلقد توقفت عن إستخدام الهاتف الأرضى منذ فترة طويلة.

 ألم نكد نجنّ من تصريحات بعض التيارات خلال السنوات الماضية التى كانت تبدو لنا كأنها صادرة من أناس لا يعيشون فى عالمنا؟ هم بالفعل لم يكونوا يعيشون فى عالمنا، ولا نحن كنا فى عالمهم، فكل منا خلق عالم خاص به وإنعزل بداخله تماماً ولا يدرك سوى مفرداته وأحداثه، ولا يعلم أى شىء عن ما هو خارج هذا العالم الذى يعيش به. هذا هو حالنا جميعاً فى تلك الأيام.

هناك كذلك من تطرّف أكثر وأكثر، فظهرت ألعاب مثل Second Life حيث تقوم بخلق الشخصية التى تريدها والتحرك بها فى عالم ثلاثى الأبعاد تقوم فيه بممارسة كل ما يمكن/لا يمكن لك أن تمارسه فى أرض الواقع. ولكن على أى حال هذا مثال متطرّف لا داعى للإسهاب فى الكلام عنه. يكفينا ما نعيشه من واقع مشوّه منعزل.

إن الأفلام من نوعية The Matrix لم تعد بعيده كثيراً عن ما نعيشه بالفعل ولو بشكل مجازى.


(۳ - ب) النوع الثانى: أخرج وأستمتع بالعالم بنفسك...وحيداً.
 وهذا النوع قد يبدو فى ظاهره عكس النوع السابق، ولكنه فى نهاية الأمر يدعو لنفس الفكر الإنعزالى. هو مجرد نكهة أخرى لنفس الوجبة المسمومة، فقط وُضِعت عليها الكثير من البهارات من نوع "ضرورة الخروج والبحث عن الذات" و "مُتع الحياة التى يجب أن تجوب العالم وتحصل عليها". دعنى أوضّح...

بدأ إتجاه إذكاء النزعة الفردية من النوع الثانى يظهر بقوة فى ألوان الأدب الناجح فى تلك الأيام التى نعيشها، فلو فتّشنا عن الـBest Sellers التى تظهر فى أيامنا هذه سنجد أنها جميعاً من عيّنة "الروايات التنويرية" إن جاز لنا أن نسميها بهذا الإسم. فها هى كتابات باولو كويلو تحتل الأسواق وتقوم بتوصيل فكر الفردية والتوحّد بشكل مكثف غير مسبوق. لا أدعى أننى قرأت جميع رواياته ولكن الخط العام ظهر أمامى وهو فكرة "البحث عن الذات" التى تحدثنا عنها فى بداية الفقرة. عن ثم يظهر لنا مثال آخر وهو رواية مثل قواعد العشق الأربعون للكاتبة التركية إليف شافاق عن الرحالة الصوفى ورحلاته لإكتشاف العالم والله، وعن ربة البيت الأمريكية التى تقرر ترك بيتها وزوجها وأولادها لأنها أكتشفت فجأة أنها ربما لم تكن سعيدة حقاً خلال حياتها مع زوجها وأولادها(!). قس على هذا الكثير والكثير من الروايات التى تدفع بأسلوب غامض فى هذا الإتجاة المريب: "أنت والكون فقط"، مع تفنن الأدباء بشتى الطرق فى الدفع فى هذا الطريق وتبرير كافة مواقف أبطالهم شديدة الأنانية بفكرة الصوفية و"إكتشاف الذات".

لقد كبرنا ونضجنا بما يكفى لكى نعلم أن المشاعر جميعها تتغير ولا تبقى على حالها أبداً إلا فيم ندر، ولكن كل ما هناك هو أن الناس قديماً كانوا لديهم من الإلتزام والوفاء ما يكفى أن يبقوا مع شركاء حياتهم وأولادهم رغم كل الصعاب، ورغم الشعور بالرغبة الأنانية فى الجنوح والتحليق بعيداً. انا شخصياً لا أريد عند الوصول إلى عامى الأربعين أن أترك زوجتى وأولادى وعملى بحجة أننى ذاهب لـ"البحث عن ذاتى" فى مكان ما، فهذا بالنسبة لى –بشخصى الحالى- لا يعدّ سوى أعتى دروب الخسّة والأنانية، لكن الخط العام فى أدب تلك الأيام يدفع دفعاً فى إتجاه مفاده هو "وفيها ايه؟ المهم انت تكون مبسوط"!

لاحظ كذلك أن هناك جانب روحانى خطير لفكر التوحّد من النوع الثانى هذا، فقد لقى هذا اللون من الكتابة رواجا بين شعوب العالم فى تلك الأيام لأنه جمع بين ميزتين؛ ميزة الإيمان البسيط اللطيف بوجود كيان إلهى أو upper being كما يقولون يعتنى بك أثناء رحلتك "المجردة" للبحث عن الحقيقية إلخ...، وفى نفس الوقت ميزة عدم إضطرارك إلى الدخول فى قيود أحد الأديان التى تطالبك بإستمرار بأصوام وعبادات وإلتزامات محددة، صار كل ما عليك بإختصار أن تسير فى الأرض تدعو إلى الفرح والسلام الداخلى والثقة بالـ"كيان الأعظم" دون أى إرتباطات أو أشياء منتظره منك. وانا هنا لست ضد هذا اللون المجرد البسيط من الإيمان، بل بالعكس أحيانا يخيل لى أنه قد يكون أصدقهم، ولكن هذا فقط عندما يكون حقيقيا، لا عندما يكون آداة مريبة تًستخدم لخدمة غرض آخر.

بالمناسبة تذكرت فجأة الفيلم الكوميدى Holy Man (من بطولة إيدى ميرفى) وتسائلت كيف سيكون شكل العالم لو تحولنا أهل الأرض جميعا إلى مجموعة من الـHoly Men نفيض بالروحانيات المزعومة ونرتدى الجلابيب البيضاء الفضفاضة ونتبختر فى الأرض فرحين راسمين على وجوهنا الإبتسامات الهادئة البلهاء؟! يالها من صورة عجيبة للعالم!


(٤) أكسسوارات التوحّد
ويبدو أن هناك إرتباطاً ما بين حياة التوحّد والإرتداد إلى الماضى لكنى لم أتمكن من فهمه بشكل كامل. فكما أن هناك إرتباط بين النوع الثانى من التوحّد وبين الفكر الصوفى القديم، كان لابد كذلك أن تظهر الأفكار القديمة المصاحبة لذلك بشكل موازى. فجأة أصبح الجميع يبحثون عن السلام الداخلى فى ممارسة اليوجا، عن الطاقة فى الفنج-شوى، عن علاج الأمراض فى الكيروثيرابى والإبر الصينية، وعن المتعة الجنسية فى الكاما سوترا!

على مستوى العالم وعلى مدار العام الآن تُصرف ملايين الدولارات على صناعة الـ"نيو آيدچ" هذه بعد أن توقف عقلنا عن تخيّل أنه سيكون هناك ما هو جديد، فبدأنا ننبش فى قبور الماضى بحثاً عن "المعارف والأسرار القديمة التى خفيت عنا طوال تلك السنين".

إذن الارتداد كإتجاة عالمى حادث إلى الداخل، وإلى الخلف.


(٥)
تخيلت نفسى أحد المؤمنين بمؤامرات الماسونية للحظة وحاولت تحليل أسباب ونتائج ملاحظاتى تلك من داخل رأس أحدهم:
"أممم، حسناً، فلنقل أن هناك كائنات فضائية تقوم ببث فكرة التوحّد هذه عن بُعد، وذلك للقضاء على الجنس البشرى بشكل ناعم خلال بضعة مئات من الأعوام، حتى عندما يصلوا إلى كوكبنا بالسلامة يكون الكوكب جاهزاً لإستقبالهم".
بدت لى الفكرة مجنونة تماماً حتى بالنسبة لأفلام الخيال العلمى الخاصة بنظرية المؤامرة، وقررت ألا أطلق لخيالى العنان مرة أخرى.


(٦)
أذا كان لك أقارب تحت سن العشر سنوات، قم برصد تصرفاتهم وطريقة تفاعلهم مع العالم المحيط بهم خلال الفترة القادمة. لن أتحدث كثيراً فى هذه النقطة وسأترك الأمر لملاحظتك.


(1 تانى)
إنتشى فى سعادة وحدك...جُب العالم واستمتع بكل لذّاته وحدك...توحّد مع الكون فقط...لا تعتمد على شخص آخر لتكن سعيداً...استمتع وحدك...كُن وحدك...كُن وحدك...أنت محور الكون وجميعهم #مايستهلوشي !

اندرو چورچ
29/07/2014