25 سبتمبر 2014

المدينة (قصة قصيرة)

شىء مؤسف حقأ أنهم أحرقوا مدينتك بالكامل أيها الملك العظيم...

سامحنى ولا تغضب من كلامى أرجوك، لكن انت من أخطأ حين خفضت دفاعاتك أمام من أقنعوك أنهم يمكن إئتمانهم على دخول مدينتك الحصينة. لحظة أنزلت فيها دفاعات القلعة كانت هى كل ما يحتاجونه لسرقة كنوزك وحرق المدينة بالكامل. المدينة التى قضيت حياتك فى بنائها وأفنيت فى كل ركن منها جزءاً من روحك.

أخبرنى ماذا تبقى لك بعد أن قاموا بفعلتهم النكراء هذه؟ لقد خسرت كل ما تملكه، وأصبحت تستحق لقب "ملك الأرض المحترقة" عن جدارة. بعدها صار عليك أن تحاول بناء أى شىء تستطيع بناؤه حتى تتمكن من العثور على مأوى لك على الأقل. ولكنهم قاموا بسرقة معظم كنوزك ومواردك التى كنت تستطيع إستخدامها فى إعادة الإعمار. كل ما تبقى لديك مما نسوا سرقته استخدمته فى إعادة بناء كوخ صغير على أطراف المدينة المحترقة لتعيش به وحيداً، وفى تثبيت جميع الدفاعات التى عرفتها -أو لم تعرفها- الشعوب الأخرى كى لا يقترب أحداً من هذا المكان مرة أخرى.

سيرى الجميع دفاعات المدينة الحصينة من الخارج وسيظنون أنك نجحت فى إعادة بنائها وأنها أصبحت تحوى الجنة من الداخل، ولكن لن يعلم أحداً أن كل تلك الأسوار لا تحمى بداخلها سوى أرضاً دُمِّرَت معظم نواحيها بغير رجعة، وكوخاً حقيراً يعيش به ملك عجوز أصابه مس من الجنون. لكن، لا يمكن أن يعلم أحد ذلك على الإطلاق. فهذا سرّك أيها الملك. لا تقلق فأنا لن أخبر أحداً.

لكنك أخطأت حين وثقت بى.

لماذا تنظر لى فى فزع؟ ألم أقل لك أنك أحمق؟ لقد كررت خطأك مرة أخرى وأدخلت الغرباء إلى مدينتك. أنت لا تتعلم من أخطائك أبداً، وأمثالك من الأغبياء لا يستحقون سوى قضاء عمرهم فى عذاب مستمر. لقد قمت بسرقة كل ما أستطعت سرقته من هذا المكان القذر أثناء إنشغالك بتحضير مكان لى للمبيت. هل صدّقت حقاً أننى بعد أسفارى الكثيرة سأبقى معك فى هذا المكان لإعادة أعمار مدينتك؟ يالك من عجوز معتوة!

والآن فليحترق مخبأك مرة أخرى. وأرجو حقاً إذا نجوت فى هذه المرة أن تحاول بناء مكان آخر لإيوائك، حتى يأتى غيرى ليسرق أى مما تبقى ولم أستطع انا سرقته فى تلك المرة. أنت تعلم مثلى أن أمثالك لا يتعلمون أبداً، أليس كذلك؟

وداعاً أيها الملك الأحمق، وداعاً.

اندرو جورج
20/09/2014