28 نوفمبر 2015

ضع القشرة جانباً وفتش عن الـCore Values

من محادثة قديمة مع صديق قديم أعتقد كانت بعد نزول فيلم "واحد صحيح":


- لا بس كويس إن السينما بقت بتقدم موضوع درامى زى ده بشكل سلس من غير ما يحصل مشاكل طائفية كتير زى زمان.
- هى الصدمة الأولى اللى غالباً بتبقى صعبة، بس انت ملاحظتش حاجة فى كل الأعمال اللى إتناولت العلاقات الرومانسية بين طرف مسيحى وطرف مسلم؟
- حاجة ايه؟
- دايماً الذكر هو المسلم والأنثى هى المسيحية ومينفعش عمل فنى يعرض العكس، لو حد حاول يعرض القضية بالعكس كان الفيلم إتمنع والكاست إتسلخ حىّ كله قبل ما يفكروا حتى يصوروه.

إبتداء من فيلم "الشيخ حسن" بتاع حسين صدقى وليلى فوزى (1954)، مروراً بفيلم "أرض أرض" بتاع إلهام شاهين وچيهان فاضل (1988)، ثم مسلسل "أوان الورد" بتاع يسرا وهشام عبد الحميد (2000) وأخيراً فيلم "واحد صحيح" لهانى سلامة وكندة علوش (2011). ولو فيه أعمال فنية تانية فلتت منى، كلها إتعرّضت للموضوع من نفس الزاوية دى، لأن الزاوية التانية يستحيل تصوّرها فما بالك بعرضها.

بقراءة تعليقات الكائنات وحيدة الخلية على خبر "أسرة تذبح ابنتها بعد ارتباطها بـ «مسيحي» في الفيوم" هتوصل لنتيجة واحدة فقط وهى إن الهجوم سببه ليس لمجرد إن له بعد دينى فعلاً كما ذكر بعض المعلقين، أو حتى بعد منطقى كما ذكر البعض الآخر "أصل الأولاد بيتبعوا دين أبوهم"، قد ما له بعد إجتماعى ذكورى بحت (وحط عشرتلاف خط تحت ذكورى دى).

فيه صوت قاعد فى خلفية دماغ كل واحد فى الناس دى، والصوت ده بيقول كلام يمكن تلخيصه فى جملة واحدة وهى كالتالى:
"رجالتنا تـ $@%# نسوانهم آه، بس مينفعش رجالتهم تـ $@%# نسواننا"

نفس الفكر اللى بيخلى أخونا الوسطى الكيوت بيقول للمتحرش أترضاه (((لأختك)))) بدل ما يقول له خلى عندك (((انت))) أخلاق عشان (((انت))) اللى هتتحمل نتيجة سوء أخلاقك، لكن لأ، بنكلمه كأن اللى (((هو))) بيعمله ربنا مش هيعاقبه (((هو))) عليه، إنما هيعاقب (((أخته))) بداله.

الموضوع كله نابع من ثقافة إمتلاك المرأة، وإعتبارها الـ"مفعول به" دايماً. انا أمد إيدى على (((حاجتك))) بس انت متمدش إيدك على (((حاجتى))). الست هنا تم إختزالها لكشكول مع طالب فى تالتة إبتدائى، انا أشخبط فى كراستك براحتى، بس لو شخبطت فى كراستى هرميك انت وشنطتك من الشباك!

وللعدل، ولأن الإزدواجية داء أخلاقى قذر ضارب البلد دى كلها، خلينا نعرض وجهات النظر اللى سمعتها من خلايا أميبا -مسيحية المرة دى- فى الموضوع:

1) الرأى الأول: تقدر تحصل عليه بإنك وانت بتحكى متقولش تفصيلة إن البنت بقت مسيحية قبل ما تهرب مع الراجل، ساعتها رأى خلية الأميبا هيكون كالتالى:
"بنت صايعة تربية شوارع إتلمت عليه وعايزة تلف دماغه عشان تاخده معاهم وتضيّعه، كويس إن أهلها قتلوها".

2) الرأى الثانى: وده بقى تقدر تحصل عليه بإنك وانت بتحكى القصة تقول تفصيلة إن البنت بقت مسيحية وإتعمدت إلخ...، ساعتها خلية الأميبا هتقول ردود من نوع:
"ده المسيح نوّر قلبها وزمانها نالت إكليل الشهادة ومع القديسين دلوقتى، يا بختها".

بتوسيع نطاق التفكير شوية عن الموضوع ده نفسه، ومحاولة النظر من Bird Eye والتفتيش عن البُعد المجتمعى ورا كل رد فعل بيحصل حوالينا، وعدم الإنخداع بقشرة "أصل الدين بيقول كده" اللى الشخص بيطفى دماغه بيها عشان ميواجهش نفسه هو بيقول كده ليه، هتقدر تحلل حاجات كتير قوى كنا بنسمعها ونستغربها، وهتكتشف قد ايه تداخل البُعد الثقافى المجتمعى مع الأديان ممكن يوصل لأنه يشكّل ويغيّر كتير قوى فى ما كنا نظنه أصولاً ثابتة لا تتغير. ببساطة لأن الـperception للأصول دى بيتغيّر بمنتهى السهولة حسب الوعى الجمعى الموجود وقتها. بس هو فى النهاية العالم نفسه ايه غير الـperception بتاعى وبتاعك وبتاع غيرنا، واللى فى النهاية بيبنى الوعى الجمعى اللى فى الآخر بيكوّن الـ"أصول" وكذا اللى "يصحّ" وكذا اللى "ميصحّش" فى الزمان والمكان اللى إحنا عايشين فيهم؟

عودة للموضوع، انا فعلاً مبقيتش عارف مبولة الإزدواجية دى واخدة الناس على فين، بس عموماً هحاول أبص للجانب الإيحابى وهو إن كل ما الواحد بيقدر يرصد أفكار إزدواجية عند نفسه أو عند حد تانى، فده بيخلى مداركه توسع، لأنه بيشوف قد ايه مفيش حقيقة مطلقة وإن كل شىء نسبى تماماً، وبيدرك قد ايه هو بأفكاره بقناعاته عبارة عن نقطة سودا حقيرة لا تُرى فى الكون الواسع ده.

يعنى إحنا كلنا ولا حاجة أساساً grin emoticon ...مش نرحم نفسنا بقى؟